بعد مرور أكثر من خمسمئة عام على سكوت أنغام الرهبان في دير باكلاند بمقاطعة ديفون البريطانية، أعيد مؤخرًا إحياء تلك الأناشيد القديمة، ما شكل حدثًا ثقافيًا لافتًا في الأوساط المهتمة بالتاريخ الديني والموسيقى التراثية. بدأت القصة حين اكتشف الأستاذ جيمس كلارك، المؤرخ في جامعة إكسيتر، أثناء بحثه في عادات الدير المنحل خلال حقبة هنري الثامن، مخطوطات قديمة كتبت على الرق محفوظة في المكتبة البريطانية، في نهاية ما يسمى بـ "كتاب باكلاند".
تشير المصادر الإعلامية إلى أن هذه الأناشيد التي كُتبت قبل قرون طويلة تناولت موضوعات تستعرض مخاوف الرهبان آنذاك من الأمراض، وسوء المحصول، وصعود الحكام ذوي السلطة، ما يعكس قلق الإنسان في تلك العصور من قوى الطبيعة وسلطات الحكم. وتتميز موسيقى الأناشيد القديمة بحيويتها وإيقاعها المتعدد، حيث يؤدي المنشدون عدة ألحان في الوقت ذاته في أسلوب بوليفوني متقن، على عكس النغمات الكئيبة التي ارتبطت غالبًا بمثل هذه المناسبات الدينية.
شهدت نهاية الأسبوع الماضي عزف هذه الأناشيد لأول مرة منذ حل الدير، وذلك على يد جوقة كنيسة جامعة إكسيتر، في الموقع ذاته الذي عاش فيه الرهبان وكتبوا أناشيدهم. أعادت هذه المبادرة تسليط الضوء على أهمية التراث الديني والتاريخي في إثراء الحاضر، مؤكدة من جديد أن الوثائق والمخطوطات المهجورة غالبًا ما تخبئ قصصًا تنتظر من يكتشفها ويعيد إحيائها للأجيال الجديدة.