في أجواء شهر ربيع الأول، وبين قباب المساجد المصرية القديمة وشعائر صلاة الفجر، يصدح صوت المبتهل الشيخ محمد الحملي ليأخذ القلوب إلى عوالم الصفاء والسكينة. قدم الشيخ في هذا التسجيل النادر ابتهاله الشهير "أغيب وذو اللطائف لا يغيب" بصيغةٍ تجمع بين الروحانية العميقة والتعبير الحيّ للمشاعر، في أجواء تملؤها السكينة ويعمّها حضور الذكر.
تميز الابتهال بتدرجات نغمية عذبة تدعو المستمع إلى التأمل في معنى القرب الإلهي، وتستحضر نفحات الرحمة في زمن تكثر فيه القلوب الحائرة. الإلقاء الصادق والأداء المتقن للشيخ الحملي جعلا لحظات الفجر تجربة تفيض دفئًا وصفاءً، حيث يمتزج صوت المؤذن مع أصوات الآيات وابتهالات المديح النبوي، فتعم الرحاب حالة من الطمأنينة تتماهى مع سكون الصوت والمكان.
هذه الاحتفالية امتداد لذاكرة المصريين مع تراث الابتهالات والتواشيح، حيث يجتمع الناس في لحظات الفجر ليشاهدوا طاقة الذكر تتجدد في كل ربيع. وتبقى الإبداعات النادرة للشيخ محمد الحملي علامة مضيئة في تاريخ الإنشاد والنغم المصري الأصيل، ومع كل أداء تعود الأرواح إلى ينابيع الروح بإحساس أعمق بقيمة اللحظة وقداسة الكلمة.


