نساء إيران يغنين خيام: صوت الحرية في مواجهة القيود الدينية

أضيف بتاريخ 06/06/2025
دار سُبْحة

في مدينة بوشهر الساحلية جنوب إيران، تتحدى النساء القيود المفروضة عليهن عبر ترديد وغناء رباعيات الشاعر الفارسي عمر الخيام في المقاهي والأزقة، مستحضرات بذلك روح شاعر عُرف منذ القرن الحادي عشر بموقفه المناهض للتعصب الديني. في مجتمع تفرض فيه السلطة الدينية حظراً صارماً على غناء النساء أمام الرجال، تتحول هذه الأمسيات إلى فعل مقاومة ثقافية يعيد إحياء فلسفة خيام وحريته الفكرية، ويمنح النساء الإيرانيات منصة للتعبير عن ذواتهن وتاريخهن.



وسط أجواء من الفرح والدفء، تصدح أصوات النساء بأبيات مثل: "يا خيام، إن أسكرتك الحياة فكن سعيداً، وإن جلست معك معشوقتك فكن سعيداً، فالعالم كله عدم، فتصور أنك لست موجوداً، وإن كنت، فكن سعيداً". يرافق الغناء تصفيق الأيادي وألوان الأزياء التقليدية، فيما تنتقل أكواب الشاي والنرجيلة بين الحضور، وتنتشر البهجة في المكان.



هذا التقليد، المعروف باسم "خيام خواني"، هو طقس موسيقي محلي أصيل في بوشهر، تطور ليصبح أحد أبرز معالم المدينة الثقافية، خاصة في موسم السفر بين فبراير ومايو. في تلك الفترة، يتردد صدى أشعار عمر الخيام في المقاهي والشوارع ليلاً، جاذباً الزوار والسكان على حد سواء.



رغم أن القوانين الإيرانية تمنع النساء من الغناء أمام جمهور مختلط، إلا أن نساء بوشهر يصررن على كسر هذا الحظر دون إذن رسمي. انتشرت في الأشهر الأخيرة مقاطع مصورة على الإنترنت تظهر نساء يلقين الشعر ويغنين في أزقة المدينة، في رسالة واضحة على تحدي السلطة الدينية وإصرارهن على الحفاظ على هذا التراث.

تقول إحدى المغنيات: "نعلم جميعاً أن الحياة مليئة بالحزن والضغوط. من يأتي إلى بوشهر يبحث عن الراحة، وأقول لهم: انسوا همومكم واستمعوا إلى رسالة الخيام". وتضيف أخرى: "كبرنا مع أشعار خيام، منذ طفولتي كنت أرى النساء يجلسن تحت الأشجار يتبادلن الأبيات حول الفرح واللحظة العابرة".



خيام، الذي وُلد في نيشابور شمال شرق إيران، لم ينل في مدينته الأصلية الشعبية التي يحظى بها في بوشهر. تعزو إحدى المغنيات ذلك إلى طبيعة حياة أهل بوشهر الذين يعيشون اللحظة، وهي فلسفة تتماهى مع روح أشعار الخيام التي تحتفي بالحاضر وتدعو للفرح والحرية.

شهدت طقوس "خيام خواني" تطوراً موسيقياً مع الزمن؛ فبعد أن كانت تؤدى سابقاً بمصاحبة الناي وبإيقاع بطيء، أضيفت إليها آلات كالطنبور والدف لتواكب أذواق الجيل الجديد وتجذب الشباب والمراهقين من الجنسين. تقول إحدى الشابات: "لو لم ندخل هذه التغييرات، لما وجدت الأجيال الجديدة نفسها في هذا الفن. اليوم، معظم الحضور من الشباب، رجالاً ونساءً، والجميع يحبون هذا الطقس".

أشعار عمر الخيام، التي تتسم بنزعتها الإنسانية وجرأتها في مواجهة المسلمات الدينية، ظلت عبر القرون رمزاً للحرية الفكرية والبحث عن معنى الحياة بعيداً عن القيود. في إيران اليوم، تواصل النساء حمل هذا الإرث، مغنيات للحب والفرح والوجود، في مواجهة واقع سياسي واجتماعي يضيق على أصواتهن، لتبقى رباعيات الخيام جسراً بين الماضي والحاضر، وصوتاً للحرية لا يخبو.



أشعار عمر الخيام، التي تتسم بنزعتها الإنسانية وجرأتها في مواجهة المسلمات الدينية، ظلت عبر القرون رمزاً للحرية الفكرية والبحث عن معنى الحياة بعيداً عن القيود. في إيران اليوم، تواصل النساء حمل هذا الإرث، مغنيات للحب والفرح والوجود، في مواجهة واقع سياسي واجتماعي يضيق على أصواتهن، لتبقى رباعيات الخيام جسراً بين الماضي والحاضر، وصوتاً للحرية لا يخبو.